
لقد بقيت أحلام المواطنين وانتظاراتهم في حكم محلي فاعل ونزيه وشفّاف معلّقة لعقود طويلة من الاستبداد، وتراكمت معها جملة من الإشكالات الجديدة بعد الثورة في جميع القطاعات والخدمات ذات الصّلةِ بالحياة اليومية للمواطنين، وقد ساهم التجاذب السياسي والمحاصصة الحزبية والتوافقات المغشوشة بين مكوّنات الائتلاف الحاكم منذ تشريعيات 2014 في مزيد تهميش العمل البلدي مما فاقم من تردي أوضاع البُنَى التحتية وسائر الخدمات الموجّهة للمواطنين.
إنّ التهميش الذي مرَّ به العمل البلدي عبر العقود بفعل المركزية المُجحفة، والتراجع الخطير الذي شهده بعد الثورة بفعل التجاذب والمحاصصة الحزبية المقيتة إلى جانب الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد حاليا يجعل من الانتخابات البلدية محطة هامة على طريق محاسبة سياسات الوعود الكاذبة التي دأب عليها الائتلاف الحاكم والسَّعْي لتصحيح مسارات التنمية المحلية، وهي أيضا مناسبة لتمكين الكفاءات المحلية من القيام بدورها في إرساء وإنجاح حكم محلي فعّال ونزيه وشفّاف يضع حدًّا للفساد المستشْري ويُحسِّن واقع البُنَى الاساسية وينهض بالخدمات المسْدَاة للمواطنين.
إن حركة الشعب التي تترشّح لخوض هذا الاستحقاق، تَعِي جيّدًا حجم هذه التحديّات وتُدرك أنّ انسِداد الأفق السياسي واحتقان الوضع الاجتماعي سيُلقي بظلاله حتما على مخرجات هذه المحطّة الانتخابيّة. ومع ذلك لا ترى بديلا عن دعوة أبناء شعبنا إلى الإقبال بكثافة على ممارسة حقّهم في الانتخاب واختيار من يمثّلهم فعلا ويلتزم بخدمتهم في حدود ما تسمح به إمكانات الدولة التي استنزفها الفساد وسياسات الائتلاف الحاكم.
إن حركة الشعب وهي تتقدم بقائماتها المترشحة، تؤمن بأن هذه المحطة هي الخطوة العملية الاولى في مسار طويل لإرساء منظومة حكم محلّي ديمقراطيّ شفّاف ونزيه ولذلك فهي تدعُو جميع الأطراف المُشرِفة على العمليّة الانتخابيّة إلى تحَمُّل المسؤولية الوطنية كاملة لتوفير المناخ السياسيّ والإعلاميّ والأمنيّ والإداريّ الضروري لإنجاح هذه الانتخابات وجعْلِها محطّة للشفافية والنزاهة وحماية المسار الديمقراطي وليس مجرد آلية تقنية لاستكمال مَسار أربَكَتْه المحاصصات والتوافقات الهدّامة لأن التجارب الانتخابيّة السابقة تؤكد وقوع تجاوزات خطيرة من أطراف سياسية وحزبية محدّدة تعمّدت خرق القانون وأغرقت المشهد الانتخابي بتجاوزات كان لها تأثير كبير على نتائج العملية الانتخابية.
إن حركة الشعب، ومن منطلق حرصها على إنجاح هذا الاستحقاق والمساهمة في إرساء حُكم محلّي يستجيب لانتظارات المواطن، تدعو الناخبين عمُومًا وشبابُنا خصوصا إلى المشاركة بكثافة والتصدي للنوايا المعلَنة وغير المعلَنة من طرف مكوّنات الائتلاف الحاكم للتمديد في عمر المحاصصة الحزبية والالتفاف من جديد على مسار الانتقال الديمقراطي والتفويت على البلاد فرصة ارساء سلطات حكم محلي حقيقي.
إن الأطراف التي ثبت فشلها في إدارة شؤون البلاد طيلة السنوات الأخيرة وحوَّلَتها بالمحاصصة الحزبية والتوافق المغشوش إلى بيئة حاضنة لكل أنواع الفساد وتردي الخدمات الاجتماعية لا يمكن أن تفلح في إرساء حكم للشفافية والنزاهة وحسن التصرف.