" غير أنّه من الثابت أنّ خطاب التّكفير و استعمال العنف أو التهديد به قد لازما جماعة الإخوان في تونس أيضا،إن كان قبل 2011 أو بعدها و سجل التاريخ عليهم أعمالا ترتقي لرتبة الإرهاب ، منها التفجيرات التي حُوكم فيها عناصر من "الإتجاه الإسلامي" و التي استهدفت ثلاثة نزل في سوسة و المنستير في 2 أوت 1987 و راح جرحى ضحيتها 13 سائحا و حكم فيها على سبعة قياديين من حركة الإتجاه الإسلامي بالإعدام منهم غيابيا على حمّادي الجبالي وعلي لعريض ونفذ في اثنين وهما محرز بودقة و بولبابة دخيل اللذان تعتبرهما حركة النهضة من شهدائها .وقد اعترف القيادي النّهضوي المتوفى المنصف بن سالم في كتابه "سنوات الجمر،شهادات حيّة عن الاضطهاد الفكري و استهداف الإسلام في تونس"إنّه كان المسؤول الأول على "المجموعة الأمنيّة" التي دبّرت خطة الإنقلاب على النظام في 8 نوفمبر 1987 و الأهم الإقرار بأنّ حركة الإتجاه الإسلامي و التي أصبحت النهضة منذ 1989 ، كانت على نموذج التنظيم الإخواني الأم في مصر، اذ كان لها جناحان ، جناح علني و آخر سرّي و لها جهازها الخاص له استخباراته و مخترق لأجهزة الدولة و خاصة جهازي الأمن و الجيش و يأتي الكاتب عبد الله عمامي في كتابه المذكور حول النهضة ، على تفاصيل دقيقة تخصّ هذا الجهاز من حيث الكوادر و بالأسماء و التنظيم و المخابرات و التّسليح و الأعمال التي تورط فيها وهو ما أقرّت به كذلك مجموعة من ضبّاط الصّف و رجال الجيش أعضاء التنظيم العسكري التابع للنهضة و الذي كان مدسوسا في الجيش الوطني، في رسالة بعثوها في ديسمبر 2013 للشيخ راشد الغنوشي يناشدونه فيها بإدراجهم من جديد في صلب "الجيش" و مذكّرينه فيها إنّهم " بايعوه على السّمع و الطّاعة متمرّدين على القوانين العسكريّة و مخالفين القسم الذي أدّيناه تحت العلم للإخلاص للوطن دون سواه" .حيث نقرأ فيها نصّا: "(...)إلى الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة...حفظه الله و رعاه...السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.الموضوع :طلب تسوية وضعيّة مهنيّة.أمّا بعد، فنحن ضبّاط الصّف و رجال الجيش أعضاء التنظيم العسكري لحركة النّهضة الذين حُوكمنا بالسجن سنة 1992 والمتمتّعون بالعفو التشريعي العام.نحن الذين بايعناك يا فضيلة الشيخ على السّمع و الطّاعة متمرّدين على القوانين العسكريّة و مخالفين القسم الذي أدّيناه تحت العلم للإخلاص للوطن دون سواه و حماية حدوده و الحفاظ على وحدته الترابيّة...و الذود على حرمته و رفع رايته...نحن الذين صدَقنا عهدنا معكم وما بدّلنا وما غيّرنا و تمسّكنا بالميثاق الذي جمعنا و حافظنا على البيعة و الله شاهد على ذلك (...)اماّ البقية فتنتظر و قلوبها تكاد تنفطر من الإحتقار...و التّهميش و الإقصاء و الغبن و التنكر...نتوجه اليكم سائلين لماذا تجاهلونا بصفة مخزية و ميّزونا تمييزا سلبيّا و استثنونا ،فخلّف في نفوسنا وجعًا دائمًا و ألمًا مستمرًا...و لم يتحملوا حتى المسؤولية الإنسانية و الأخلاقية نحونا...لماذا لم تسوّوا وضعيتنا المهنية كبقية الموظفين و نحن متمتّعون بالعفو التشريعي العام و هذا أضعف مجهود تقومون به تجاهنا ...فضيلة الشيخ...لقد التزمنا الانضباط و بالغنا فيه رغم تواصل مأساتنا وآثرنا الصّمت و السّكوت و مواصلة الكتمان و المراوغة و النفي لعدم كشف الحقائق رغم جحود الجميع... وانتم تعلمون انّنا قادرون بتوفيق من الله على القول و الفعل(...)" ."
من كتابنا :الإرهاب في تونس .الآباء و الأبناء.دراسة في أسانيد الإرهاب و واقعه" ص ص.83-84