جالسا في غرفة مكيفة ، على مقعد وثير ، يقلب جهازه يتثاءب و يكتب على كل الجدران ساخرا : " عهد كانت في فندق خمس نجوم" ، " مشروع عزمي بشارة جديد" ، و يتساءل في تذاك منقطع النظير " لماذا هذا الاهتمام بعهد دون غيرها من الأسيرات؟" .. انه المواطن العربي يا سادة!كم صار التخوين سهلا حتى يطال طفلة يافعة بدأت "نضالها" ضد الاحتلال مذ لم يتجاوز طولها نصف متر مدفوعة بحب فطري و غيرة شرسة على الوطن ، غير عابئة آنذاك بكاميرات التصوير التي التقطت صورها و هي تفتك رفاقها الصغار من قبضة جنود الاحتلال ، تصفعهم حينا و "تعضهم" أحيانا فيقفون مذهولين من شجاعتها. عهد مذاك أيقونة للنضال الفلسطيني صنعتها وسائل الإعلام الأجنبية المتعاطفة مع القضية الفلسطينية و جعلت منها المنظمات المنسجمة مع انسانيتها سفيرة للطفولة الفلسطينية الجريحة لكن أيضا المقاومة. و نحن علينا أن نكون سعداء لأن هذه الطفلة "الجميلة" نجحت في أن تستقطب اهتمام العالم بها لأن في ذلك انتصار للقضية الفلسطينية قبل أن يكون لعهد الانسانة.
هل يفترض أن نكون أكثر سعادة لو خرجت عهد من سجون الاحتلال هزيلة مكسورة مريضة و قد تعرضت لسائر الممارسات اللاإنسانية التي عودنا بها الاحتلال في حق الاسرى ، قلب النضال الفلسطيني ضد وجود اسرائيل؟ هل يعلم السادة الكرام أنه من السخافة الاعتقاد بأن الزيادة في الوزن تكون بسبب الأكل الدسم و اللذيذ و انها غالبا على العكس من ذلك نتيجة الضغط النفسي و الاضطراب اللذان يسببهما السجن خصوصا اذا ما أضفنا إليها حالة العطالة الكاملة للسجناء بين جدران الزنزانة!
هل ننتظر أن تكون سلطة الاحتلال _ التي تنفق أموالا خيالية سنويا على سياستها الاتصالية في محاولة لتلميع صورتها و الترويج ل"اسرائيل" الديمقراطية و الحامية للحقوق _ بالغباء الذي يجعلها تفرج عن عهد التي سيواكب خروجها العالم أسره و هي في حالة سيئة ظاهريا على الاقل؟
هل منعتكم عهد من أن تواكبوا ظروف اعتقال بقية الأسيرات اللاتي ذكرتهن في خطابها العفوي المتلعثم أكثر من مرة مذكرة العالم و الإعلام أن لها رفيقات سجينات يقبعن بعد في سجن الاحتلال أو حالت بينكم و أن تبلغوا قصص كفاحهن للعالم أجمع حتى يصرن سفيرات للقضية بالخارج مثلها!
هل تتحمل عهد أيضا ذنب من ينشرون صورها و يتغزلون بها لمجرد أنها مقاومة جميلة!
عهد المسكينة..لا تجزعي لو قرأت جملا قاسية يروج لها الجهل و الغطرسة..لا تجزعي و اعلمي انه كتب علينا أن نصارع دوما عدوين أحدهما منا و فينا..لا تجزعي و ثبتي نظرك على المحتل و قولي دوما ألا أرض تتسع لنا معا..كوني سفيرة فلسطين لدى العالم الذي أحبك فكلها ساحات للنضال مادام الهدف الأخير واحدا و جميلا جميلا