"كنعان"- في الذكرى 200 لميلاد "كارل ماركس" (1818 - 1883)
الرأسمال الإحتكاري العابر للقارات بالأرقام: يطمح رأس المال باستمرار لتحقيق التّوسّع اللانهائي، وهذا من طبيعته، وبلغت ثروة بعض الشركات متعددة الجنسية مُسْتوى يفوق حصيلة اقتصاد عديد الدول، وبلغت ثروة 500 شركة أمريكية نحو 73,5% من الناتج القومي الأمريكي (الناتج المحلي + المبالغ الداخلة إلى أمريكا من نشاط الشركات والمصارف في الخارج) سنة 2010، وبلغت إيرادات أَلْفَيْ شركة في العالم 32 تريليون دولارأ، وبلغت أرباحها الصافية 2,4 تريليون دولارا، وفاقت إيرادات شركتين أمريكيتين (غوغل وأمازون) إجمالي إيرادات دُويلات مجلس التعاون الخليجي سنة 2017... هذه بعض الأمثلة عن تراكم رأس المال بين أيدي قِلّة من البشر على مثستوى العالم (ما يُسَمّى "تركيز" أو "تَمَرْكُز" رأس المال)، وما يُقابله من بطالة وفقر متفاقم لدى أغلبية من سكان العالم، باعتراف تيارات معادية لفكرة الإشتراكية والشيوعية التي عمل كارل ماركس وفردريك أنغلس على تركيز أُسُسِها، فقد أصدرت منطمة "أوكسفام" (وهي مؤسسة مسيحية) في بداية سنة 2018 تقريرا أشار إلى استحواذ 1% من سكان العالم على 82% على الثروة العالمية، ويُعادل دَخْل أربعة أيام للمدير التنفيذي لإحدى أكبر شركات الملابس، دخل عامل أو عاملة لإنتاج هذه الملابس في مصانع بنغلاديش طيلة حياته أو حياتها، ويبلغ معدل دخل مدير التنفيذي ليوم واحد في الولايات المتحدة ما يُعادل الدخل السّنوي للعامل في الولايات المتحدة أيضًا، وحصل أصحاب الأسهم في خمس شركات في قطاع الملابس على أرباح بقيمة تفوق 6,5 مليارات دولارا في حين لا تتجاوز تكلفة رفع الأجور لكافة عمال النسيج في فيتنام إلى مستوى يُمَكِّنُهم من العيش، ثُلُثَ هذا المبلغ أو نحو 2,2 مليار دولارا (سنة 2016)... كتب "كارل ماركس" سنة 1848 "يرتبط بقاء البرجوازية كطبقة بالتثوير المستمرٍ لأدوات الإنتاج، مما يخلق انقلابًا دائمًا في الإنتاج، مصحوبًا بثورة مستمرة في البنى الاجتماعية..."، وقد يُفَسِّرُ ذلك القُدْرَة التي اكتسبها رأس المال في مواجهة الأزمات التي تنتجها طبيعة النظام الرأسمالي نفسه، ويستغل رأس المال كل أزمة لزيادة درجة الإستغلال والضّغط (بقوة المال والسِّلاح)، وزيادة الأرباح وتعميق الفجوة الطّبَقِيّة وحرمان أغلبية سكان الأرض من سُبُل العيش بكرامة، بشكل يصعب تحمّلُهُ، مما قد يتسبّبُ في تفجير الثورة ضد هذا الوضع، فهل البديل جاهز؟
صراع الكَوَاسِر: من أساليب الغَطْرَسَة واستدامة الهيمنة الأمريكية، إقرار "الكونغرس" قوانين لصالح الحكومة والشركات والمصارف الأمريكية، وفَرْضِها على العالم، عبر جهاز القضاء الأمريكي، وتتراوح هذه القوانين من فرض الحظْر والعقُوبات على الدول إلى إقصاء شركات مُنافسة للشركات الأمريكية، من أسواق أمريكا ومن أسواق العالم، بواسطة أحكام قضائية أمريكية جائرة وفرض غرامات باهظة، بهدف رَدْع الشركات غير الأمريكية عن المنافسة داخل السوق الأمريكية (المصارف وشركات صناعة السيارات وشركات التقنيات الحديثة والإتصالات...)، ونورد نموذجًا لشركة من كوريا الدولة "الحَلِيفَة" التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية ضخمة، فقد أَلْزَمتْ محكمة أمريكية شركة الإلكترونيات الكورية الجنوبية العملاقة "سامسونغ" بدفع تعويض بقيمة 539 مليون دولار (+ خمسة ملايين دولار إضافية) لمنافستها الأمريكية "آبل"، وذلك رغم قرار سابق للمحكمة العليا الأمريكية لصالح "سامسونغ" سنة 2016 بشأن نطاق أضرار "براءة التصميم"، وكتبت وسائل إعلام كوريا الجنوبية إن الغرامات في مثل هذه القضايا لا تتجاوز عادة ثلاثين مليون دولارا... بدأ النّزاع بين الشركتين حول "التَّعَدِّي على براءة التّصْمِيم" منذ سنة 2011 على خلفية ارتفاع حجم الأرباح من مبيعات الأجهزة المُسمّاة "ذَكِيّة"، واحتداد المنافسة، فاتهمت شركة "آبل" منافستها "سامسونغ" بانتهاك تصميمات أجهزة الهواتف "الذّكية" والأجهزة اللَّوْحِية التي ابتكرتها "آبل"، وطلبت تعويضًا بقيمة تفوق مليار دولار، لأن هذا "الإنتهاك" مَكّن "سامسونغ" من بيع أعداد كبيرة من الهواتف ورفع الأرباح بداية من 2012... عن وكالة "يونهاب" (كوريا الجنوبية) 25/05/18
بمناسبة بطولة العالم لكرة القدم - روسيا من 14 حزيران إلى 15 تموز 2018:
يتنافس 32 فريقًا تُمَثِّلُ دُوَلَهَا (مرة كل أربع سنوات)، مما يُشعل نار الشُّوفينِيّة، ولكن هذه الفِرَق غير مُتساوِية الحظوظ، لأن الدّول الغَنِيّة يمكنها شراء لاعبي الدول الفقيرة ومنحها الجنسية، كما لَدَيْها لاعبين محترفين يقع بيعهم وشراؤهم في "سوق الإنتقالات" الصيفية والشتوية بملايين الدولارات، ولكن رياضة كرة القدم بما هِيَ رياضة جماعية، لم تكن تعتمد على البطولة الفردية بل على الجُهْد الجماعي، كانت في بداياتها وسيلة استخدمها العُمّال وأبناء الأحياء الشعبية الفقيرة والشعوب الواقعة تحت الإستعمار كأَدَةٍ للتحرر، ونتشأت أول نقابة للعبين العُمال سنة 1907 في "مانشستر" (بريطانيا)، ولكن إنشاء الإتحاد الدّولي لكرة القدم (فيفا) حَوّلَ هذه الرّياضة الشعبية إلى عملية تجارية رِبْحِيّة وإلى أداة دعم الدكتاتوريات (إيطاليا 1934 والأرجنتين 1978 وقَطَر 2022...)، ويَدّعي مسؤولو "فيفا" أن الرياضة منفصلة عن السياسة، وإن إيرادات كأس العالم تُمَكِّن الإتحاد من دعم الرياضة (من الإعلانات ومن رعاية الشركات متعددة الجنسية)، فيما أظهرت بعض الأحداث إن العُمق الشعبي لهذه الرياضة لا يزال موجودًا في مصر، حيث كانت جماهير كرة القدم ترفع شعارات مناهضة للحُكْم، مما تسبب في قتل قوات الأمن العشرات من أنصار بعض النوادي (الألتراس)، وفي السنغال ينحدر العديد من "نجوم" الفريق الوطني من بطولات الأحياء الشعبية، وتمثّلت قِمّة الإستغلال السياسي (وحتى الإيديولوجي) لرياضة كرة القدم في قرار الكيان الصهيوني نقل مباراة "وِدِّيّة" مع الأرجنتين من حيفا إلى القُدْس، مما أثار احتجاجات في الأرجنتين ومما أدّى إلى إلغاء المباراة، رغم ظُهُور العديد من مشاهير لاعِبِي الأرجنتين بالقلنسوة اليهودية (كيبا) أمام حائط البُراق، وبازّي الرسمي لفريق الأرجنتين، وفي مُقَدّمتهم "ليونيل ميسِّي" الذي يقال إنه حَرّضَ على إلغاء المباراة... أصبحت رياضة كرة القدم قطاعا اقتصاديا رأسماليا ليبراليا مُعَوْلَما بالتوازي مع تأسيس منظمة التجارة العالمية ومع ما سُمِّي في أوروبا مرسوم "بوسْمان" (على إسم لاعب حَكَمَ القضاء الأوروبي لصالحه في عملية محاولة مَنْعه من الإنتقال من نادي في بلجيكا إلى نادي آخر في فرنسا)... استغلّت اتحادات كرة القدم والسّلطات السياسية والقضائية الأوروبية حادث انهيار مدارج ملعب "هيسل" في بلجيكا سنة 1985، خلال نهائي نوادي أوروبا لكرة القدم بين "ليفربول" (بريطانيا) و"يوفنتوس" (إيطاليا) ووفاة 39 من الجمهور، لتشديد الرقابة على دخول الملاعب ووضع أجهزة تصوير ورفع سعر التّذاكر، بهدف إقصاء الفُقراء وأبناء الأحياء الشعبية، تحت ذريعة الإجراءات الوقائية لتَجَنّب أعمال الشّغب، ومنذ اشترت الأُسْرة المالكة لقطر "نادي باريس سان جرمان"، ارتفع سعر تذاكر الدخول إلى الملعب ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وأصبحت الملاعب الأوروبية، مُخْتَبَرات للميز المالي والعنصري، مشابهة للملاعب الأمريكية، أو لملاعب التّنّس والغولف، أما الفُقراء وحتى الفئات ذات الدخل المتوسط فتكتفي بمشاهدة المباريات على قنوات التلفزيون غير المجانية... عن كتاب "ميخائيل كوريا" بعنوان "التاريخ والشعب لكرة القدم" (نشر "لاديكوفرت" – آذار 2018)
بزنس الرياضة: أنفقت نوادي كرة القدم خلال صيف 2017 في أنحاء العالم 4,71 مليارات دولار على انتقال اللاعبين، بالإضافة إلى المَعاشات المُرْتَفعة للاعبين، ويَحْدُثُ أن تُنْفِقَ بعض النّوادي أموالا كثيرة لشراء لاعب (إضافة إلى رُسُوم الإنتقال للنادي البائع) دون مراعاة مُحيط اللاعب ودون توفير أسباب الرّاحة النّفْسِيّة ووسائل الإندماج داخل مجموعة اللاعبين والطاقم الرياضي والإداري في النّادي الجديد، مما يجعل هذا الإستثمار فاشِلاً، من ذلك مبلغ 263 مليون دولار الذي أنفَقَه نادي "باريس سان جرمان" لنادي "برشلونة" ثمناً لانتقال اللاعب البرازيلي الشّاب "نيمار"، ولم ينفق نادي "مانشستر يونايتد" سوى 49 مليون دولارا لشراء اللاعبين وفاز بثلاث بطولات، بينما أنفَقَ نادي "ليفربول" 220 مليون دولار ولم يحرز أي بطولة، واشترى نادي "ريال مدريد" سنة 2013 اللاعب "غاريث بيل" بمبلغ 132 مليون دولار، ولكن اللاعب كان أقَلَّ تَألُّقًا من اللاعب "مسعود أوزال" الذي اشتراه نادي "أرسنال" بنصف هذا المبلغ، ويُعد "أرسين فينغر" (الذي دَرّبَ نادي "أرسنال" لأكثر من عقدَيْنِ) أحد أفضل مديري ومدربي النوادي العالمية (وهو حاصل على شهادة جامعية في العلوم الاقتصادية)، لأنه يرفض إنفاق مبالغ كبيرة لشراء لاعبين قد يُخَيِّبُون آمال النادي وجمهوره، ولأنه يهتم برفاهة اللاعبين وحالتهم النفسية وظروف إقامتهم، ويسهر على مساعدة اللاعبين الجدد للتأقلم ولحل مشاكلهم، من جهة أخرى، يعمل على انتداب لاعبين جيدين يعانون مشاكل شخصية (تناول الكحول، القمار، مشاكل عائلية...) بسعر منخفض، ثم يسهر على رعايتهم ومساعدتهم على التخلص من تلك المشاكل، ويطلب مُساعدة الأطباء والمصالح البلدية والهيئات الإجتماعية من أجل حل مشاكل هؤلاء اللاعبين الذين يعترفون بالجميل ويُمتّنون علاقتهم بالمُدَرّب ويعملون على تجاوز مشاكلهم... عن كتاب (كرة القدم بالأرقام - دورة عام 2018) تأليف الصحافي البريطاني "سايمن كوبر" وأستاذ الإقتصاد في جامعة لندن "ستيفن جيمنسكي"
استحواذ واندماج: يَعْتَبِرُ خُبراء الإقتصاد الرأسمالي المعولم إن قيمة استحواذ الشركات القوية على الشركات الأضعف، واندماج بعضها فيما بينها لتشكيل مجموعة واحدة ضخمة، تقضي على المنافسة وتحتكر الإنتاج أو البيع أو الخدمات، من أهم مقاييس "حيوية وأداء رأس المال"، بدل اعتماد معايير أخرى، من بينها الإستثمار الذي يخلق وظائف لا ئقة وثابتة أو الإستثمار في تلبية حاجات المواطنين (المسكن الرخيص على سبيل المثال)، وأظهرت بيانات الوكالات المُخْتَصّة في متابعة حركة رأس المال (الذي لا وَطَنَ له) على مستوى العالم إن صفقات الاندماج والاستحواذ لم تتوقف رغم ما يُحْكَى عن "الأزمة" أو "التّباطؤ"، بل ارتفعت إلى مستوى قياسي خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2018، وَوَصَلت قيمة الصّفقات العالمية (للإستحواذ والإندماج) إلى تريليوني دولار منذ بداية 2018 (تريليون = ألف مليار دولارا، أي رقم واحد وعلى يمينه إثنا عشر صفرًا) وازدهرت الصفقات في مختلف مناطق العالم، وفي مختلف القطاعات، وأدْرَجت الأخبار الإقتصادية الإعلان عن صفقات بقيمة 28 مليار دولار في الولايات المتحدة، يوم الإثنين 21/05/2018 في القطاع المالي وقطاعيْ الكهرباء والعقارات، كما أُعْلِنَ أيضًا في الولايات المتحدة عن سلسلة من الصفقات (الثلاثاء 22/05/2018)، ومنها اندماج نشاط "جنرال إلكتريك للنقل" مع "وابتك لصناعة السكك الحديدية" في صفقة بلغت قيمتها 11,1 مليار دولار، وتعتبر ضخامة قيمة الصّفقات من المُؤَشِّرات التي تُفَسِّرُ هيمنة الولايات المتحدة وقيادتها للرأسمالية العالمية... في قارّة أوروبا، سجّلت الصّفقات خلال شهر نيسان/ابريل أعلى قيمة شهرية في عشر سنوات، بينما بلغت الصفقات بين الولايات المتحدة وبريطانيا (بعد خروج الأخيرة من الإتحاد الأوروبي) حوالي تِسْعِين مليار دولارا، مسجلة أعلى مستوياتها في 19 عاما، وأعلن ناطق باسم شركة "سوني كورب" (اليابان) يوم الثلاثاء 22/05/2018 إن مجموعة "سوني كورب" ستسدّد 2,3 مليار دولار للسيطرة على شركة "إي.إم.آي"، لتصبح أكبر ناشر للموسيقى في العالم... لم تبلغ صفقات الاندماج والاستحواذ مستويات قياسية مماثلة منذ سنة 2007 مباشرة قبل الأزمة ووصلت إلى 1,8 تريليون دولار، متجاوزة الرقم القياسي السابق لسنة 2000 قبل انفجار "فقاعة أسهم التكنولوجيا"، حيث بلغت قيمة الصفقات آنذاك 1,5 تريليون دولارا... هل نَعْرِفُ حَقًّا أنتم وأنتُنّ وأنا ما قيمة "تريليون دولارا"؟ رويترز 25/05/18
السودان: بعد أسابيع من صفقة مع تركيا التي ستُنْشئ قاعدة عسكرية، مقابل أشغال في ميناء "بور سودان"، أبرمت حكومة السودان صفقة مع مَشْيَخَة "قَطَر" لتأهِيل ميناء "سواكن" على البحر الأحمر، جنوب البلاد، على ثلاثة مراحل بين 2018 و2030، بقيمة حوالي أربعة مليارات دولارا، لتمتلك السودان 51% من عائدات تشغيل الميناء وقطر نسبة 49%، على أن ترتفع نسبة السّودان تدريجيًّا لتصل نسبة 100% (متى؟)، وتأمل حكومة السودان رَفْعَ طاقة استقبال حاويات السلع في الميناء من 400 ألف حاوية حاليا إلى نحو مليون حاوية بنهاية الأشغال، وكانت حكومتا السودان وقَطَر قد وقّعتا في آذار/مارس 2018 اتفاقا تجاريا بقيمة 4 مليارات دولار لتطوير ميناء سواكن، ولزيادة حجم التبادل التجاري بين الحكومتين اللتين تدْعَمان تَيّار الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى تركيا... عن صحيفة"الشّرق" (قطر) 26/05/18
فلسطين: نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا أفاد أن جيش الإحتلال قتل بالاسلحة الحَرْبِيّة خلال "مسيرات العودة" في غزة 117 فلسطينيًّا بينهم أطفال دون سن السادسة عشر، وسبعة من هؤلاء الأطفال كانوا (قبل اغتيالهم) يدرسون في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا)، وبلغ عدد المُصابين 13190 (وفق إحصاء منظمة الصحة العالمية) من بينهم 332 في حالة خطيرة جدا، ومن بينهم أيضًا 1136 طفلاً جريحًا، بعضهم في حالة حَرِجة... من جهة أخرى، ردّ مدير البرامج الصحية في وكالة "أنروا" على التصريحات المُتبَنِّية للعقيدة الصهيونية والمُعادية للفلسطينيين التي أدلى بها وزير الخارجية (ممثل اليمين المتطرف) في حكومة سويسرا (المُحايدة؟؟؟)، من خلال حوار نشرته صحيفة "لوطون" السويسرية، أكد خلاله موظف "أنروا" أن مهام الوكالة ستنتهي بطبيعتها عند حل مشكلة 5,3 ملايين لاجئ فلسطيني مُوزّعين بين سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية وغزة، ردًّا على مطالبة الوزير السويسري إلْغاء "أنروا" (بعد أيام قليلة من تصريحات مماثلة لرئيس حكومة العَدُوّ)، وأعلن ممثل أنروا "إن العديد من اللاجئين الفلسطينيين مَحْرُومون من الخدمات الصحية"، بسبب انخفاض موارد انروا التي تُشرف على 143 مركز صحي، وعالجت مراكز الوكالة في غزة خلال مسيراتالعودة حوالي سبعة آلاف جريح، نصفهم مصاب بأعيرة نارية أطلقها جيش الإحتلال، وتحتاج جميع المستشفيات في غزة إلى توفر الكهرباء وإلى الأطباء وإلى المُعدّات والأدوية، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية للسكان الذين يعاني حوالي 40% من البطالة، منهم 70% من الشباب، وفق موظف "أنروا" الذي أعلن أن الوكالة قدمت دعمًا غذائيًّا لمليون فلسطيني من سكان غزة (سنة 2017)، لكن خفض الدّعم المالي للوكالة أدّى إلى عجز في توفير 180 ألف لقاح وتهديد حياة 96 ألف امرأة حامل مع حمْلِها، وتهديد حياة مرضى السكري (267 ألف) والمصابين بارتفاع ضغط الدّم، وقد يتسبب الحصار في وانخفاض موارد "أنروا" في عودة بعض الأمراض المعدية التي تم احتواؤها في السابق... يُمَثِّلُ وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أنروا) شاهدًا على ظروف تأسيس دولة الإحتلال على أنقاض القُرى المُهدّمة والقائمة على طرد 850 ألف فلسطيني من وطنهم (لأنهم لا يمتلكون سلاحًا يدافعون به عن حياتهم ووطنهم وأراضيهم)، ولذلك تشن الولايات المتحدة وحلفاؤها هجومًا على الوكالة، وهو ما رددته وسائل إعلام أوروبية ومسؤولين حكوميين، من بينهم وزير خارجية سويسرا "المُحايِدَة"... تُوَظِّف "أنروا" 32 ألف موظف، من بينهم 22 ألف في 700 مدرسة تستقبل يوميا 525 ألف طفل فلسطيني، وتسبب تجميد المساهمة الأمريكية (300 مليون دولارا سنويا) في عجز ميزانية الوكالة بحوالي 246 مليون دولار، ولم تتحرك الدول العربية لسد هذا العجز (أو المُطالبة بعودة اللاجئين إلى ديارهم ووطنهم وأراضيهم إضافة إلى تعويضهم ماليا)، بل زادت من نفقاتها العسكرية لتخريب بلدان عربية أخرى (ليبيا واليمن وسوريا والعراق...) عن منظمة الصحة العالمية + صحيفة (Le Temps) - سويسرا 22/05/18
الأردن: شارك آلاف الأردنيين يوم الأربعاء 30 أيار 2018 في إضراب عام دعت له سبعة عشر نقابة مهنية وعمالية من جميع القطاعات المهنية والتجارية والعمالية، ومنها القطاع الطبي الرسمي الذي اقتصر عمله على الحالات الطارئة، ضمن حركة احتجاج واسعة على مشروع قانون حكومي جديد يُعيد النّظر في قاعدة الضرائب التي أقرّها قانون 2014، ويوسع نطاق الشرائح المشمولة بضريبة الدخل بمقدار الضعف، وتزامن توقيت اتخاذ الحكومة هذه القرارات مع الإقامة الدورية لوفد صندوق النقد الدولي (على حساب المواطن) بهدف تقييم تطبيق الحكومة لأوامر الصندوق، ومثَّل الإضراب أكبر احتجاج منذ 2011، وشكّلَ تحالفًا (ظَرْفِيًّا ومُؤَقّتًا) بين الطبقة العاملة والبرجوازية الصّغيرة (الفئات الوسطة) وجزء من الشرائح الدّنيا لِبُرْجوازية الأعمال وأصحاب الشركات الصغرى، وطلبت النقابات المهنية سحب مشروع القانون الذي قررت الحكومة عَرْضَهُ على البرلمان في شهر حزيران/يونيو 2018، تطبيقًا لشروط صندوق النقد الدولي التي التزمت الحكومة منذ 2017 بتطبيقها، ومن بينها خفض الإعفاءات الضريبية للفقراء وذوي الدّخل المحدود، وتوسيع فئات الخاضعين لضريبة الدخل... أقر مجلس النواب الموازنة العامة لسنة 2018 يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2017 بعجز مرتفع وديون قاربت نسبة 100% من إجمالي الناتج المحلي، وبدأت الحكومة السنة الجديدة (2018) برفع الدعم عن الطّحين (الدّقيق) وفرض ضرائب جديدة، أُضِيفَتْ إلى إجراءات سابقة منها زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات بصورة شهرية، ضمن مجموعة من الإجراءات المتفق عليها مع "صندوق النقد"، ومن بينها خفض قيمة الدّخل السنوي للأسر المُعْفاة من الضرائب من 34 ألف دولارا إلى 23 ألف دولارا وللأفراد من 17 ألف إلى 11 ألف دولارا، مع تغيير المُعادَلَة الحِسابية لِنِسْبَة الضّريبة من الدّخل، بالإضافة إلى الضرائب غير المباشرة ومنها ضريبة الإستهلاك (القيمة المضافة) التي يُسَدِّدُها الجميع بشكل مُتساوي، والضريبة على الخَدمات والحصول على الوثائق الرسمية، وغيرها من الإجراءات التي أنتجت زيادة الأسعار وخفض مستوى العيش، وغياب أي برنامج لزيادة الرواتب... اضطرت الحكومة إلى التّراجع المؤقت عن زيادة أسعار النفط ومشتقاته، إثر شَلّ الحركة الإقتصادية في البلاد جراء الإضراب، غير أن رئيس الوزراء أعلن يوم السبت 02/06/2018 "لن أسحب مشروع قانون الضرائب الذي يدعمه صندوق النقد الدولي" وبقي المشروع مطروحًا على جدول أعمال مجلس النّوّاب، رغم مطالب الإتحادات العمالية والنقابات المهنية والإحتجاجات الشعبية على رفع الأسعار... عن "الدّستور" + سي ان ان" + أ.ف.ب(بتصرّف) 31/05 و01 و02/06/18
السعودية خطط تنمية مُسْتَوْرَدَة و"مُعاقَة": تُخَطِّطُ الأسرة المالكة لزيادة قيمة صندوق الثروة السيادي (الذي يرأسه محمد بن سَلْمَان) من 183 مليار دولارا إلى 400 مليار دولارا سنة 2020، بعد خصخصة عدة شركات (في مقدمتها 5% من شركة النّفط "أرامكو") ومطارات ومستشفيات ومدارس وغيرها من الشركات والمرافق، وإنجاز خطط ومشاريع، يُشَكِّكُ العديد من السّعوديين والخليجيين وغيرهم في ملاءمة هذه المشاريع مع طبيعة نظام الحكم وطبيعة المجتمع في السعودية... يُمثّلُ مشروع "نيوم" على البحر الأحمر (بقيمة خمسمائة مليون دولارا) جزءًا من الخطة التي أعدّتها شركة "ماكنزي" الأمريكية للإستشارات ضمن "رؤية 2030"، ويتمثّل هذا المشروع في إنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعية على مساحة 26,5 ألف كيلومتر مربع، على الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر بين السعودية والأردن ومصر، وعلى تُخُوم فلسطين المحتلة، وأعلنت حكومة مصر تخصيص مساحة هامة لهذا المشروع الذي عينت السعودية على رأسه مُديرًا تنفيذيّا ألْمانيًّا مشبوهًا ومتهما بقضايا فساد واحتيال بقيمة تزيد عن المليار دولار، ويهدف لجلب الاستثمارات في التقنيات الجديدة، كالطاقة المتجددة وصناعة "الروبو"، والمساهمة بمبلغ 100 مليار دولار في إجمالي الناتج الوطني بحلول 2030، وتتناقض هذه الخطة مع وضع الشركات السعودية التي تُعَوّل على مشاريع وعطاءات الدولة، في ظل الركود الإقتصادي والتقشف الحكومي، فيما تتردّدُ الشركات في الاستثمار خارج قطاع الطاقة... أوردت الصحف البريطانية ان صندوق الثروة السيادي السعودي عين بريطانيًّا لرئاسة "مشروع البحر الأحمر لتنمية السياحة" (ربما يندرج تعيين الأوروبيين في هذه المناصب في إطار "توطين" الوظائف؟)، ويتلخص المشروع في خطط لتطوير منتجعات على خمسين جزيرة سعودية في البحر الأحمر... قبل أكثر من عشر سنوات خططت حكومة الملك السابق عبدالله لإقامة ست مدن جديدة (بقيمة 30 مليار دولار)، "لتنويع الإقتصاد وتخفيف الإعتماد على النفط ولجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير 1,3 مليون فرصة عمل وإضافة 150 مليار دولار لإجمالي الناتج المحلي"، وهي نفس الجُمل التي تُعاد اليوم لتبرير الإنفاق على المشاريع والخطط العديدة، ولم تُنْجز سوى مدينة واحدة (مدينة الملك عبد الله على بعد 145 كيلومترا شمال "جدّة") من هذه المدن السّت، ولا يتجاوز عدد سُكّانها سبعة آلاف نسمة، وكان مشروع إنشائها يهدف جعل هذه المدينة "مركزا للخدمات اللوجستية والصناعية"، لكن لم يتمكن القائمون على المشروع (الدّولة) من جذب المستثمرين والسكان، ويَشُكُّ الباحثون والخُبَراء السعوديون والأجانب في نجاح خطة "رؤية 2030"، التي وعدَ مُعِدُّوها بتوفير 450 ألف وفرصة عمل في القطاع الخاص بحلول 2020، مما سيساهم في تخفيض نسبة البطالة من 12,6% إلى 9%، وكان ولي العهد السعودي قد أقام لفترة ثلاثة أسابيع في الولايات المتحدة قبل أن يزور بريطانيا، ولكنه لم يتمكن من جمع استثمارات لخطّتِه، باستثناء صفقة لمشروع طاقة شمسية مع مصرف "سوفت بانك" الياباني... عن "فيننشال تايمز" + "إندبندنت" 28/05/18
إيران وروسيا: أعلنت شركات أوروبية هامة، في قطاعات عديدة، انسحابها من إيران، بعد إعلان أمريكا التراجع عن الإتفاق الدولي بشأن البرنامج النّوَوِي الإيراني، وبالتّالي تسليط عُقُوبات على الدّول والشّركات التي تتعامل مع إيران، خاصة إذا كان التعامل بالدولار، أو بسلع تحتوي على 10% من المُكَوّنات الأمريكية (في عصر العَوْلَمة؟؟؟) ومن الشركات التي أعلنت انسحابها، شركات الطاقة مثل "توتال" وشركات صناعة السيارات مثل "رينو" و"بيجو" وشركات صناعة الطائرات مثل "إيرباص" الأوروبية (وكذلك "بوينغ" الأمريكية)، وغيرها، وتحاول روسيا استغلال الموقف وملء الفراغ الذي سيُخَلِّفُهُ انسحاب شركتي الطّيران "إيرباص" و"بوينغ" من السوق الإيرانية، بعد اتفاقيات مع إيران بقيمة تفوق أربعين مليار دولارا، فيما قَدّرت شركة الطيران الإيرانية احتياجاتها خلال العقد القادم بنحو خمسمائة طائرة أُخْرَى، لتعويض الطائرات القديمة، وقد يُحْدِثُ استحواذ روسيا على سوق الطيران المدني الإيراني تَحَوّلاً هامًّا في قطاع صناعة الطائرات بروسيا، لأن شركة "سوخوي" لم تَبِعْ سوى 136 طائرة من طراز "سوخوي-100" خلال العقد الماضي، وسبق أن وقّعت شركتان إيرانيتان للطيران عقدا مع شركة "سوخوي" لشراء أربعين طائرة مدنية من طراز "سوخوي 100"، وبدأت روسيا العمل على إعادة تصميم الطائرتين المدنيتين من طراز "سوخوي 100" و"أم سي 21"، وعلى استبدال المعدات والأجزاء أمريكية الصنع فيها بمعدات روسية (وأَمْر هو صعب التّحقيق)، لأن قانون أمريكا الذي تفرضه على العالم، يفْرِضُ الحصول على ترخيص من وزارة الخزانة الأمريكية لبيع أي سلعة تحتوي على 10% من المعدات أمريكية الصنع، وأعلنت الحكومة الأمريكية عدم قبول أي ترخيص، بل سيتم إلغاء جميع تراخيص بيع الطائرات المدنية لإيران خلال الأشهر الثلاثة المقبلة... يُتوقّع أن تشتري إيران ما لا يقل عن مائة طائرة أخرى من هذا طراز "سوخوي 100"، أو "أم سي 21"، وتُصَدِّرُ روسيا أيضًا طائرت مدنية حديثة من طراز "أم سي 21"، وهي تُقابل في تقنياتها وخصائصها طائرتي "بوينغ 737" الأمريكية، و"إيرباص 320" الأوروبية، لكنها لا تصنع طائرة مدنية للمسافات البعيدة... عن رويترز + أ.ف.ب 26/05/18
سريلانكا: أدّت الفيضانات والإنهيارات الأرضية في الأسبوع الأخير من شهر أيار 2017 إلى مصرع 122 شخصا، وتَشْرِيد نحو 500 ألف شخص اضطروا إلى مغادرة منازلهم، وسط إهمال الدولة وبُطء أو انعدام عمليات الإنقاذ والإغاثة، وبعد سنة، أي خلال نفس فترة الأمطار المَوْسِمِيّة (أكثر من 155 ملم خلال أربعة وعشرين ساعة)، أدّت الأمطار الغزيرة والعواصف إلى قتل 19 شخصا وإصابة 128 ألف شخص وتدمير أربعة آلاف مسكن، وتشريد أكثر من 55 ألف مواطن خلال اليوم الأول من هذه العواصف الموسِمِيّة... يتضرّرُ الفُقراء عادة من الكوارث الطبيعية لأن يسكنون مناطق معرّضة للخطر، في منازل أقل صلابة ومُقاومة للعوامل الطبيعية كالأمطار الغزيرة والإنجراف والإنهيارات الأرضية، وتتجاوز نسبة من يعيشون تحت خط الفقر 9% (أقل من دولارين في اليوم) من إجمالي حوالي 22 مليون نسمة... أ.ف.ب 26/05/18
كولومبيا: أكّد رئيس كولومبيا "خوان مانويل سانتوس" يوم الجمعة 25/05/2018، أي عشية الإنتخابات الرئاسية تحت حراسة 150 ألف جندي (36 مليون ناخب مُسَجّل)، ارتباط نظامه (الذي يُسَمِّيه التقدميون "صهاينة أمريكا الجنوبية") بالإمبريالية وبالحلف الأطلسي، عند إعلانه بفخرٍ واعتزازٍ "دخول كولومبيا إلى الحلف الأطلسي في فئة الشريك العالمي، مما سيجعلها الدولة الوحيدة التي تحظى بهذا الإمتياز في أمريكا الجنوبية"، وللمفارقة، حصل هذا المُدافع عن حلف شمال الأطلسي على جائزة نوبل للسلام سنة 2016 "تكريما لجهوده لوضع حد لنصف قرن من الحرب الأهلية في بلاده"، ومع ذلك فقد ادّعى "إن الانضمام إلى الحلف الأطلسي يحسن صورة كولومبيا ويسمح لها بلعب دور أكبر على الساحة الدولية"، ويعني وضع "الشريك العالمي" للحلف الأطلسي التحالف الإستراتيجي والتعاون العسكري مع الحلف، أي المُشاركة في العُدوان على البلدان الأخرى، وأنشأ الحلف الأطلسي هذا النوع من "الشراكة" بهدف إقامة تحالفات إستراتيجية خارج أمريكا الشمالية وأوروبا، وبذلك تمكن الحلف من ضَمِّ أستراليا وأفغانستان وباكستان والعراق والكيان الصهيوني واليابان وكوريا الجنوبية ومنغوليا ونيوزيلندا كشركاء عالميِّين، وسَيَرِثُ الرئيس المُقْبِل للبلاد هذا الوضع، بعد الإنتخابات الرئاسية التي يتنافس خلالها مرشح اليمين المتشدد (في الدورة الثانية يوم 17/06/2018)، "إيفان دوكي" المعارض لاتفاق السلام مع ثُوار "فارك" مع مرشح عن "اليسار المعتدل" ورئيس بلدية العاصمة بوغوتا "غوستافو بيترو" (اليساري السابق) وتُعتبر "كولومبيا" معقلاً للجيش وللمخابرات الأمريكية، وفيها تم اغتيال تشي غيفارا (تشرين الأول 1967)، ويدافع "إيفان دوكي" عن جميع القيم الرأسمالية والرجعية واختص في نقد نظام فنزويلا المُجاورة، بينما ينتمي منافسه "غوستافو بيترو" إلى حركة "كولومبيا إنسانية" وهو متمرد سابق في حركة ام-19 المنحلة، ويطرح برنامجه الإنتخابي الإهتمام بمشاغل الفُقَراء، وتُنَدِّدُ وسائل الإعلام اليمينية الكبرى "بعلاقاته مع النظام الإشتراكي في فنزويلا"، مع الإشارة إن مرشح اليمين يعتبر نفسه "الإبن الروحي" (أي الإيديولوجي والسياسي) لمرشده في السياسة الرئيس السابق "ألفارو أوريبي" (2002-2010) الذي انتخب مرتين منذ الدورة الأولى، وكان نموذجًا لليمين الرّجعي الموالي للولايات المتحدة والمُعادي للفكر التّقدّمي وللفُقراء والعُمّال وللسّكان الأصليين للبلاد، ولذلك وَعَد "إيفا دوكي" بمراجعة "اتفاق السلام الموقع مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) لأن هذا الإتفاق شديد التساهل حيال المتمردين السابقين الذين أعفاهم من السجن في حال الإقرار بجرائمهم"... تعد كولومبيا قرابة خمسين مليون نسمة، ورابع اقتصاد في أميركا الجنوبية، رغم تباطؤ النمو إلى 1,8% من إجمالي الناتج المحلي وهي أكبر مُنْتِج عالمي للكُوكَايِين، الذي تتحارب مجموعات إجرامية عديدة من أجل السيطرة على إنتاجه وتصديره، وأسفرت الحرب الأهلية (التي تُشارك فيها المخابرات الأمريكية بقوة) بين قوات النظام والمليشيات اليمينية المتطرفة وتجار المخدرات، من جهة وفي الجهة المقابلة حوالي ثلاثين حركة تمرد وثورة، وأسفرت هذه الحرب -التي دامت أكثر من خمسة عُقُود- عن أكثر من ثمانية ملايين ضحية بين قتلى ومفقودين ونازحين، وتستخدم الولايات المتحدة قواعدها العسكرية للقيام بأعمال ذات صبغة إجرامية داخل حدود البلاد (اغتيال النقابيين والمُعارضين للحكم) وخارجها، وبالأخص في فنزويلا على الحدود... عن أ.ف.ب 28/05/18
مشاكل الدّيون الخارجية - نموذج الأرجنتين:
تتناول هذه الفقرة وضع الأرجنتين، وهي بلد كبير وغني بموارده وزراعته وصناعته وبتجربته، ولكن المقصود هو مقارنة ذلك بوضع الدول العربية التي تفاقمت ديونها الخارجية، دون أن يرتفع الإنتاج أو الإستثمارات في القطاعات المنتجة، مما يُشَكّل عبئًا ثقيلاً على الأجيال القادمة وعلى استقلال البلدان، ونذكّر أن الإمبريالية والفرنسية والبريطانية تَذَرّعَتْ بارتفاع الدّيون لاستعمار تونس سنة 1881 ومصر سنة 1882...
عانى اقتصاد البلاد من الأزمات خلال الحكم العسكري (1976 – 1983)، ولجأت الحكومات اليمينية الليبرالية التي أعقبته إلى الإقتراض الخارجي، بدعم من صندوق النقد الدولي، مع مواصلة نفس السياسة الإقتصادية اليمينية للحكم العسكري، وبلغ الإقتصاد الأرجنتيني حافة الإنهيار بسبب الأزمة المالية التي جعلت الدولة عاجزة عن تسديد مبالغ خدمة الدّيْن العمومي (فضلا عن أصل الدَّيْن البالغ 95 مليار دولارا سنة 2001 وقرابة 100 مليار دولارا سنة 2003)، وبعد خفض الإنفاق العام بنسبة 20% أو حوالي عشرة مليارات دولارا، وخفض رواتب العاملين في دوائر الدولة بنسبة 13%، فتراجع نمو اقتصاد البلاد، أمام ارتفاع الديون وتجميد الأرصدة المصرفية، وتراجع قيمة العملة المحلية بنسبة الثلثين وارتفاع نسبة البطالة إلي 20% من القادرين على العمل، وأصبح أكثر من40% من السكان يعيشون تحت خط الفقر (ارتفعت النسبة إلى 60% سنة 2003)، فانفجرت في كانون الأول/ديسمبر 2001 وكانون الثاني/يناير 2002 موجة احتجاجات ومظاهرات وغضب شعبي امتدّ إلى فئات البرجوازية الصّغيرة (ما تُدْعَى "الفئات الوُسْطى")، فأطاحت الأزمة بالحكومة، وبدأ نزاع طويل امتد لأكثر من عشر سنوات بين حكومة الأرجنتين وصناديق التحوط الأمريكية بعد إعلان إفلاس الأرجنتين وتوقفها عن سداد ديونها بنهاية 2001، واقترحت حكومة الأرجنتين على الدائنين استرداد جزء فقط من الديون فوافق حوالي 93% من الدائنين، ورفضت صناديق المُضاربة الامريكية (مجموعة إن إم إل كابتال)، لأن القانون الأمريكي يحميها ضد الدّول الأجنبية، وتم انتخاب الرئيس "نستور كيرشنير" سنة 2003 ودعم توقف الدولة عن تسديد الديون، ونجحت حكومته خلال فترة رئاسية واحدة مدتها أربع سنوات من تجاوز آثار الإفلاس، وإنعاش الإقتصاد، عبر تمويل مشاريع التعليم والخدمات الصحية، وتنفيذ برنامج وطني لتحسين مستوي المعيشة لأغلبية السكان الذين أصبح 60% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وتضمّن برنامج كيرشنير (الزوج الذي كانت زوجته كرستينا نائبة في مجلس الشيوخ، قبل أن تُصْبِح رئيسة بعد وفاته بشكل مفاجئ) إعادة جدولة الديون وتطبيق خطة إنقاذ تقشفية، وتخصيص حوالي مليار دولار لتحسين الخدمات العامة والتي تشمل إسكان الفقراء وإنشاء الطرقات الجديدة، وحوالي8,2 مليار دولار لخلق فرص عمل لإنعاش الاقتصاد، وساعد التعاون الإقليمي اقتصاد الأرجنتين، حيث تشكل تكتل إقليمي للتجارة بين الأرجنتين والبرازيل (التي عاشت أزمة مُماثلة) والأورغواي وباراغواي، وازداد التعاون مع فنزويلا وبوليفيا،، وبعد وفاته انتُخبت زوجته كرستينا فيرنانديز كيرشنير (التي سَبِقت زوجها في مجال العمل السِّياسي) لفترتين متتاليتين، واستكملت البرنامج الذي ساهمت في إعداده مع زوجها (وهو برنامج رأسمالي "كينزي"، أي بتدخّل الدولة عبر زيادة الإنفاق في عملية دفع الإنتاج وتحسين الخدمات)، ليصبح اقتصاد الأرجنتين ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية وبلغت نسبة النمو 9% سنة 2012، بعد أن كانت النسبة سلبية سنة 2001 و 2002... يَطْرَح العديد من النّقابيين والمعارضين للسياسات المسماة "ليبرالية مُتَوَحِّشَة" (الرأسمال دائما مُتوحّش بطبيعته) تساؤلات من قبيل: هل يمكن نقل تجربة الأرجنتين إلى مصر أو المغرب أو تونس أو الأردن؟ والواقع إن لكل بلد مُحيطه وظروفه، وإذا كان لا بد من النّضال، فليكن لإرساء نظام مُغاير، تكون الكلمة الفصل فيه للمُنْتِجين مباشرة، من أجل توجيه الإنتاج نحو تلبية حاجات المواطنين ومنع تكديس الثروة، لأنها تتم على حساب عرق المُنْتِجين، وتُؤَدّي إلى إفقار جزء آخر (أكبر حجمًا) من السكان... تزخر الأرجنتين بالموارد الطبيعية وتعتمد في اقتصادها علي قطاع زراعي موجه للتصدير وقاعدة صناعية متنوعة، مما يُمَكِّن البلاد من توسيع قاعدة التبادل التجاري مع الجيران وفي مقدمتهم اقتصاد البرازيل الضّخم، وبقية بلدان أمريكا الجنوبية، ومع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية والشرقية... عاد شَبَح الأزمة إلى الظّهور بعد الحملة الشّرِسَة التي قادتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وصندوق النقد الدولي ضد الرئيسة السابقة (كيرشنير) التي ابتعدت عن الصندوق وإملاءاته، وشملت الحملة المُعادية مُرشّح الرئاسة الذي دعمته الرئيسة السابقة، ودعمت أمريكا المرشح اليميني ورجل الأعمال (ماوريسيو ماكري) الذي أصبح رئيسًا سنة 2015 وأصبح بمثابة الناطق باسم الحكومة الأمريكية وداعمًا لسياستها الخارجية، ولكن اقتصاد البلاد عاد إلى وضع الركود، شبيه بالوضع السابق لانهيار 2001-2002، وأعلن الرئيس (08/05/2018) عن محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على خط إئتماني بقيمة عشرين مليار دولار على الأقل لتمويل ميزانية الحكومة حتى نهاية الفترة الأولى من حكمه في أواخر 2019، وكان الحكومة قد عادت إلى الإقتراض من صندوق النقد الدولي الذي فَرَضَ إجراءات تقشفية، مما تسبب في عودة المُظاهرات إلى الشوارع ضد "برنامج الإنقاد وضد التّقشف وضد الحكومة وصندوق النقد الدولي" كما وَرَد في لافتات حملها متظاهرون خلال شهر أيار 2018، في تناقض صارخ مع إشادة "دونالد ترامب" بالرئيس الأرجنتيني وسياساته "الداعمة للسوق الحرة والتي أنعشت اقتصاد بلاده" بعد ارتفاع الدّين الخارجي للأرجنتين خلال سنتين إلى أكثر من 320 مليار دولار، أو 57,1% من الناتج المحلي الإجمالي، وأدى إعلان الرئيس اللجوء إلى خطة إنقاذ مدعومة من صندوق النقد الدولي إلى خروج رؤوس أموال المستثمرين الأجانب، وهروب رأس المال المحلي على الخارج، فتراجعت العملة المحلية (بيزو) وفقدت 25% من قيمتها منذ بداية سنة 2018 ورَفَع المصرف المركزي سعر الفائدة الأساسي إلى 40%، وهو الأعلى في العالم، في محاولة لاحتواء التّضخّم، لكن معدله السنوي ارتفع إلى 25%، مما يعني ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار مع انخفاض كبير في القيمة الحقيقية للرواتب، فيما أعلنت الشركات تسريح عشرات الآلاف من العاملين بسبب الركود، وبدأ أصحاب الشركات الصغيرة ينتقدون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وتطبيق سياسات التقشف التي يفرضها، والتي تعصف بالشركات الصغيرة، لأن الزيادة في أسعار الفائدة تحرمها من القُروض المصرفية، وأعلنت نقابات التّجار انكماش مبيعات التجزئة بنسبة 3% في آخر نيسان/ابريل 2018 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2017، وأصبح الميسورون يستبدلون "البيزو" الذي هبطت قيمته، بالدولار، فانخفضت الودائع المصرفية بالدولار بنسبة 2% خلال الأسبوعين الأولين من أيار 2018، فيما يتذمر المواطنون العاملون من ذوي الدخل المحدود والمتاوسط من الارتفاع الكبير في الإيجارات والمرافق، مما دفعهم إلى الإستغناء عن شراء الأشياء الزائدة على احتياجاتهم الأساسية، ومن بينها العطور أو الملابس أو الأحذية، وفق نقابات تجارة التّجْزِئة... البيانات والأرقام من دراسة نشرتها جامعة "توركواتو دي تيلا" في العاصمة "بوينس آيريس" (أواخر نيسان 2018) + دراسة نشرتها شركة الإستشارات "كابيتال إيكونوميكس" (أيار 2018) + رويترز 26/05/18
تركيا: استغل منافسو رجب طيب أردوغان الحملة الإنتخابية لإثبات علاقته وتحالفاته السابقة مع الداعية "فتح الله غولن" (المدعوم أمريكا)، إثر انقلاب تيار أردوغان، وداوود أغلو، وعبد الله غول على مُعلّمهم "نجم الدين أربكان" وتأسيس حزب العدالة والتنمية سنة 2001، وادّعى مرشح حزب الشعب الجمهوري (محرم إينجه) إن أردوغان كان على علم مسبق بمحاولة الإنقلاب المشبوه، واستغل الفرصة لإعلان حالة الطوارئ والسيطرة على الدولة ومؤسساتها (الأمن والجيش والقضاء والتعليم الجامعي) وطرد أكثر من مئة ألف شخص من موظفي الدولة واعتقال عشرات الآلاف من موظفي الأمن والمخابرات والجيش والتعليم والخارجية وأساتذة الجامعات، وكذلك من رجال الأعمال والصحافيين (وعدم اعتقال سياسيين)، واتّهمت المعارضة سياسة أردوغان وتطبيق قواعد اقتصاد السوق، وفْقَ وَصَفَات صندوق النقد الدّولي (باسم الإسلام السياسي) منذ 2001 بإيصال اقتصاد تركيا إلى حافة الإفلاس، بعد بيع (خصخصة) مصانع الدولة والسدود والموانئ، وإفقار النّسيج الإقتصادي، فيما يدّعي أردوغان "إن وضع الإقتصاد جيد"، رغم انخفاض سعر العملة المحلية (اللِّيرَة) إلى مستويات قياسية وارتفاع الأسعار ونسبة التّضَخّم، في بلد يعتمد على الإستثمارات الأجنبية ودخول رأس المال الأجنبي لتمويل العجز في الميزان التجاري، ولتمويل ديون الشركات التركية التي بلغت حوالي 300 مليار دولارا (عندما كان الدولار متوفرًا والقروض منخفضة الفائدة)، فيما انخفض حجم دخول الرساميل الأجنبية، بل خروجها وعودتها إلى اقتصادات الدول الرأسمالية المتطورة، بعد ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وأظهرت بيانات من معهد التمويل الدولي (التابع للبنك العالمي) أن المستثمرين الأجانب سحبوا 1,15 مليار دولار من السندات الحكومية والأسهم التركية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أيار 2018، فيما بلغت قيمة التدفقات إلى الخارج من السندات التركية المقومة بالعملة المحلية مليار دولار من 1 إلى 25 أيار 2018، وخلال الأسبوع المنتهي يوم 25 أيار، باع غير المقيمين أسهما تركية بقيمة تسعة ملايين دولار، بينما شهدت أسواق الدين تدفقات إلى الخارج بنحو 153 مليون دولار، وتنطبق بيانات معهد التمويل الدولي على أدوات الدين الحكومي بالعملة المحلية... عن قناة "خبر تورك" - أ.ف.ب 30/05/18
أسبانيا، فساد "ديمقراطي"؟ أصدر القضاء الإسباني أحكاما بالسجن تفوق خمسين سنة في حق 29 من مسؤولي "الحزب الشعبي" (اليميني جدًّا والحاكم في أسبانيا) ومن رجال الأعمال، بتهمة ارتكاب مخالفات خطيرة، منها تزوير حسابات واستغلال النفوذ ومغالطة إدارة الضرائب، وتتصل القضية باستخدام أعضاء في الحزب، خلال نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي، "صندوقا أسود" أي خزينة سِرِّية وغير قانونية، لتبييض (أو غسيل) الأموال في تمويل الحملات الإنتخابية بشكل مُخالف لتشريعات البلاد، وانطلقت هذه القضية منذ 2011، وعمل رئيس الحكومة "ماريانو راخوي" على عرقلة سير القضية، لأنه مُتّهَمٌ شخصيًّا بالضُّلُوع في ارتكاب مخالفات وفي التّحْرِيض على ارتكابها، واشتهرت القَضِيّة باسم فضيحة "غورتل، وتتعلق باختلاسات مالية لصالح "الحزب الشعبي" الحاكم، وأصدرت المحكمة يوم الخميس 24/05/2018 أحكاما بالسجن على رجال أعمال وعلى سياسيين ومن بينهم أمين مالية الحزب الشعبي، ويطالب نص الحكم القضائي الدّولة باستعادة عشرات الملايين من اليورو، كما أجبرت المحكمة (لأول مرة في تاريخ أسبانيا) رئيس الحكومة "ماريانو راخوي" على الإدلاء بشهادته أمام المحكمة، بعدما حامت الشبهات حوله، وأثبت القضاء تَوَرُّط جهاز ومسؤولي الحزب الحاكم (الحزب الشّعبي الذي شارك في احتلال العراق ودافع زعيمه ورئيس وزرائه "أزنار" عن الكيان الصهيوني كجزء لا يتجزأ من الإمبريالية الأوروبية والعالمية) في هذه الفضيحة واستفادته من صفقات ومن عمولات، وتغريم الحزب ب 245 ألف يورو... كانت الأجهزة الأمنية قد رصَدَتْ -منذ سنوات- عمليات اختلاس، وقيام رجال أعمال وسياسيين من الحزب الشعبي بعقد صفقات اقتصادية تتعلق بمنشئات ومؤسسات عمومية، مقابل عملات، يحتفظون بنسبة منها لهم فيما تعود نسبة أخرى "للحزب الشعبي"، وقبل أسبوع واحد من إعلان الحكم، اعتقلت شرطة "محاربة الفساد المالي" وزير العمل السابق وهو أحد الزعماء البارزين لنفس الحزب، والناطق باسم الحكومة سابقا، بتهمة اختلاس عشرة ملايين يورو، بعد اعتقال مسؤولين آخرين، أشْهَرُهُمْ "رودريغو راتو"، نائب رئيس الحكومة الإسبانية ووزير المالية وشغل منصب مدير صندوق النقد الدولي، واعتُقِلَ بتُهْمَةِ "غسيل أموال"... يُرَكِّزُ زُعماء مثل هذه الأحزاب في البرامج والحملات الإنتخابية على ضرورة التّقشّف والشّفافية ويتّهمون الفُقَراء بالغش للحصول على مساعدة إجتماعية أو قَرْض أو مسكن، ولكنهم يسرقون أضعاف ذلك من عرق ودماء العُمال والمُهَمّشِين والفُقراء من شعوب بلدانهم ومن البلدان الأخرى التي يقصفونها ويحتلونها... رفضت أغلبية النّواب منح الثقة التي طلبتها حكومة "ماريانو راخوي" بعد تورط حزبه وعدد من زعمائه وصدور أحكام ضدهم بالسجن، في قضايا فَساد ورشاوى، مما يزيد من حظوظ "بيدرو سانشيز" زعيم الحزب "الإشتراكي" (ولا علاقة له بالإشتراكية) ليصبح رئيسًا للحكومة عن أ.ف.ب 24 و25/05/ و01/06/18
إيطاليا: لم تُسْفر الإنتخابات العامة ليوم الرابع من آذار/مارس 2018 عن أغلبية سياسية في البرلمان، رغم هيمنة التيارات اليمينية المتطرفة مجتمعة (حركة خمس نجوم ورابطة الشمال –التي غيرت إسمها- وتيار برلسكوني...) واندثار "اليسار" البرلماني (الذي كان أقرب ل"الوسط")، ولم يتمكن التيار اليميني الأغلبي من تشكيل حكومة، حتى نهاية أيار 2018، وكلّف الرّئيس مسؤولا سابقًا في صندوق النقد الدولي بتشكيل الحكومة رقم 61 خلال سبعين سنة، وأدّى فشل تشكيل الحكومة لفترة سبعة أسابيع إلى عدم استقرار مؤشرات الإقتصاد واضطراب السوق المالية في إيطاليا وكذلك أسواق أوروبا، حيث انخفضت قيمة اليورو بنسبة فاقت 4% خلال أقل من شهر واحد، وهو أكبر انخفاض شهري خلال ثلاث سنوات، وهبطت مؤشرات مختلف الأسواق المالية الأوروبية، وقد يتأثر الإتحاد الأوروبي والعملة المُوَحّدة (يورو) بهذه الأزمة التي تُضاف إلى ارتفاع الدين العام في البرتغال وأسبانيا وإيرلندا واليونان، لأن الأحزاب الفائزة تُهدّد بالخروج من الإتحاد الأوروبي وتطالب بعدم تسديد ديون بقيمة 250 مليار يورو، ونتج عن ذلك ارتفاع فوائد الدّيون الإيطالية وانخفاض قيمة أسهم الشركات والمصارف في بورصة "ميلانو" التي انخفضت مُؤَشِّراتُها وفقدت 8% مع ارتفاع قيمة "تأمين مخاطر عدم السداد"، وانخفضت قيمة أسهم المصارف الإيطالية التي تمتلك كمية كبيرة من السندات السيادية المغذية للدين العام الإيطالي، وأصبحت تتخوف من الإنهيار نتيجة تقلبات هوامش الفوائد... بعد تهديد الرئيس بالدعوة إلى تنظيم انتخابات مبكرة بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، وبعد ثلاثة أشهر من انطلاق الأزمة التي تَلَت الإنتخابات التشريعية، توصّلت الأحزاب إلى اتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية، ما يُجَنِّب هذه الأحزاب خوض غمار حملة انتخابية جديدة، غير مضمونة العواقب، وأدّى نَشْرُ لالخبر إلى صعود قيمة الأسهم الأوروبية، وفي مقدمتها المؤشر الرئيسي للأسهم الإيطالية وكذلك مؤشرات "ستوكس 600" ومؤشر "داكس" الألماني ومؤشر فايننشال تايمز" البريطاني... رويترز 30/05 و01/06/18
طاقة: اتفقت مجموعة "أوبك" مع بلدان أخرى مُنْتِجَة للنفط، أهمها روسيا، خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016، على تخفيض إنتاج النفط تدريجيا بداية من 2017 إلى نهاية 2018، ليبلغ التخفيض نحو 1,8 مليون برميل يومياً في شهر حُزيران 2018، بهدف احتواء انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق الدولية، مع إعفاء إيران وليبيا ونيجيريا وفنزويلا من خفض الإنتاج بسبب انخفاض حصتها قبل انهيار الأسعار، ونجحت هذه الخطة في تحقيق بعض الزيادة في أسعار النفط الخام (بنسبة 40% عن أدنى سعر خلال ثلاث سنوات)، ولكن الشركات الأمريكية المُنْتِجَة للنفط الصخري استفادت أيضًا من زيادة سعر الخام، وتمكنت من الإستثمار لابتكار وسائل تخفض تكلفة استخراج النفط الصخري (عبر التكسير الهيدروليكي للصخور)، وأَلْغت أمريكا قرار حَظْر تصدير نفطها، والذي كان ساريًا منذ 1974، فأصبحت تنافس روسيا في سوق الغاز الأوروبية وتنافس روسيا (التي أنتجت 11 مليون طن يوميا سنة 2017) والسعودية (أنتجت حوالي عشرة ملايين طن يوميا سنة 2017) في السوق الآسيوية، في خطوة "استِبَاقِيّة" (أو ضَرْبَة "وقائية"، بلغة الحرب الأمريكية) تستهدف تَخْرِيب المشاريع المُسْتَقْبَلِيّة الضّخْمَة للشركات الروسية، والتي تطلّبت استثمارات كبيرة -في ظل الحظر والعقوبات التي تفرضها أمريكا (ومعها أوروبا) على روسيا وشركاتها ومصارفها- ومنها مشاريع حقول النفط في القطب الشمالي لشركة "غازبروم" والإستثمار لتطوير الحقول النفطية في العراق، ويستهدف فَرْع النّفط لشركة "غازبروم" رفع إنتاج النّفط إلى 100 مليون طن بحلول سنة 2020، وللشركة مشاريع أخرى في فيتنام وفي منطقة سيبيريا الغربية، واستفادت روسيا من قرار أمريكا الإنسحاب من الإتفاق الدّولي مع إيران بشأن برنامجها النّوَوِي، وهو القرار الذي رَفَعَ سعر برميل النّفط الخام إلى حوالي ثمانين دولارا، بل تُحاول روسيا لزيادة الإنتاج (حال الإتفاق مع "أوبك" ) للاستحواذ على جزء من حصة إيران في الأسواق الآسيوية، لأن روسيا قادرة على زيادة إنتاجها فَوْرًا بنسبة تفوق 4% بحسب دراسة أعَدّتْها مجموعة "سيتي غروب" المصرفية، مثلما تحاول روسيا استغلال انسحاب الشركات الأوروبية للإستحواذ على حِصَصٍ في سوق إيران في قطاع التجهيزات والصيانة والطيران... من جهة أخرى، احتدّت المنافسة بين السعودية وروسيا بخصوص السوق الآسيوية (خاصة الصين)، الأكثر نموًّا حاليا، وخاصة إلى الصين، بسبب سوقها الضخمة وارتفاع حاجة صناعاتها وسكانها للنفط، إِذْ أصْبَحَت الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم منذ سنة 2010، وأصبحت السعودية أكبر مُزَوِّدِيها منذ 2004، بقرابة 20% من إجمالي الواردات النفطية للصين، التي اضطرتها السياسات العؤدائية الأمريكية إلى الإتجاه نحو روسيا منذ بداية 2015 والإتفاق معها على سداد ثمن النفط الروسي بالعملة الصينية المحلية (يوان)، قبل أن توافق السعودية على التعامل باليوان (أيلول 2016) بعد روسيا وأنغولا وفنزويلا، لتنخفض (قليلاً) هيمنة الدّولار على التجارة العالمية، لأن الصين أكبر شريك تجاري للسعودية منذ 2011، واقترب حجم التبادل التجاري بينهما سنة 2017 من الخمسين مليار دولارا، وتعمل أكثر من 160 شركة مُقاولات صينية في السعودية، وبلغت قيمة اتفاقيات التعاون بينهما حوالي 65 مليار دولار، وكنا ذكرنا في عدد سابق من نشرة الإقتصاد السياسي إن حكومة الصين عرضت شراء 5% من أسهم شركة "أرامكو السعودية" مباشرة، بقيمة 100 مليار دولارا، دون طرح في الأسواق المالية، كما عرضت "نقل التكنولوجيا الصينية" إلى السعودية، وهو ما ترفُضُهُ أمريكا لشركائها (باستثناء الكيان الصّهيوني) وكذلك أوروبا واليابان، زد على ذلك انخفاض واردات أمريكا من النفط الخام إلى خمسة ملايين برميل يوميا بعد أقل من خمس سنوات، مقابل ارتفاع واردات الصين إلى عشرة ملايين برميل يوميا سنة 2023، ولكن العلاقات الإستراتيجية بين الصين وروسيا، خفضت حصة السعودية التي أصبحت ثاني مُوَرّد للنفط الخام إلى الصين، بعد روسيا التي أصبحت في المرتبة الأولى، مما قد يزيد من قَضْمِ حصّة الدّولار من الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية العالمية، وتُشكل هذه العوامل ضَغْطًا إضافيًّا على السعودية التي تراجعت حصتها من السوق الصينية، في ظل منافسة أمريكا لها في السوق الآسيوية، وفي ظل عدم قُدْرَة السّعودية على التّخلّي عن الدّولار، لأن القواعد الأمريكية الضخمة تَحْمِي نفط الخليج، مقابل توفير غطاء للدولار في المبادلات التجارية العالمية، فَضْلاً عن حماية المصالح الأمريكية الأخرى في المنطقة، والتّبَعِيّة المُطْلَقَة للأُسَر الحاكمة في الخليج تُجاه الإستراتيجية الأمريكية... عن محطّة "روسيا اليوم" + وكالة "سبوتنيك" + وكالة "بلومبرغ" 26/05/18
أميركا: تتمتع الإمبريالية الأعظم في العالم بامتيازات اقتصادية عديدة، من بينها عدم تطبيق الشروط التي تَفْرِضُها على بقية دول العالم، فالولايات المتحدة هي الدّولة الوحيدة التي تستورد أكثر مِمّا تُصَدِّرُ، دون قلق، رغم ما نَتَجَ عن ذلك من عجزٍ تجاريٍّ ضخمٍ (ومُسْتَمِرٍّ)، وإذا حدث ذلك في بلد آخر، يفرض المنطق الرأسمالي (وحارسُهُ صندوق النقد الدولي) خفض قيمة العُملة، مما يُسَبِّبُ ارتفاعًا في الأسعار وفي نسبة التّضَخّم، وعجز المواطنين (المُسْتَهْلِكين) على مجابهة الأسعار، أو ما يُسَمِّيه الإقتصاد الرأسمالي "انخفاض القُدْرَة الشرائية"، وترتفع أسعار السِّلَع المُسْتَوْرَدة بشكل خاص، لكن هذا الأمر لا ينطبق على الولايات المتحدة لأن تعاملاتها التجارية، بل كل التجارة العالمية، تَتِمُّ بعملتها المحلّيّة (الدّولار)، التي تُشَكِّلُ عملة الإحتياط في كافة المصارف المركزية في العالم وهي العُملة القياس لتسعير كافة السلع المُتَداولَة في العالم، وخاصة المواد الأولية الضرورية للصناعة والطاقة والنقل وغيرها، وهذا امتياز نادر، لأن الولايات المتحدة تُصَدِّرُ عُمْلَتها كسلعة، وكلما ارتفع الطّلب على الدولار، بهدف إنجاز المعاملات التجارية أو بسبب مشاكل داخلية في بلدٍ مَا، انتعش اقتصاد أمريكا، ليس بفض ارتفاع حجم أو قيمة الإنتاج، بل عبر إصدار كميات من الدّولارات (حسب الطلب) وإصدار سنداتٍ بالدولار، ليشتريها كبار المُسْتثمرين والمَصارف والدول (مثل الصين واليابان والسعودية...) كملاذ آمن، مثلما كان حال الذّهب، لذلك يمكن الجزْم بأن العالم يعمل وينتج لتستهلك الولايات المتحدة بالمَجان تقريبًا، وهذا لا يعني انتفاء الإستغلال والإضطهاد داخل أمريكا بل إن ذلك من أُسُسِ النظام الرّأسمالي في أي مكان، وفي أمريكا بشكل خاص... (هذه شبه مُقَدّمة للفقرة الموالية)
هل ينتهى "القرن الأمريكي" قريبًا؟ تُنْسَبُ عبارة "القرن الأمريكي" في الأصل إلى الناشر الأمريكى "هنرى لويس" سنة 1941، قبل أن تدخل أمريكا الحرب العالمية الثانية، حيث كان قادة أمريكا ينتظرون هزيمة الإتحاد السوفييتي وإنهاك أوروبا، وعبّر صاحب هذه المقولة عن رغبته في أداء أمريكا دور أساسي في الحرب لتُصْبِحَ أقوى دولة وتقود العالم طيلة قرن كامل، ثم تأسست سنة 1997 مؤسّسة "غير ربحية" نُخْبَوِيّة مدعومة من المؤسسة الرسمية الحكومية تحت إسم "مشروع القرن الأمريكي الجديد"، ويعرفه أصحابه كالتالي: "هو مؤسسة تعليمية غير ربحية تهدف إلى تطوير القيادة الأمريكية للعالم"، وتُعْتَبَرُ هذه المؤسسة (غير الحكومية وغير الربحية وفق مصطلحات "العولمة") مختبرًا سياسيا للمحافظين الجدد وللمسيحيين الصهاينة، وكان "خُبَراؤُها" في الأروقة الخلفية لإدارة الرئيس "جورج بوش الإبن"، وأثروا في توجّهات السياسة الخارجية، وفي اتخاذ القرارات الهامة ذات الصبغة العسكرية، مثل تطوير نظريات "الأمن القومي" والدّفع نحو احتلال العراق... وأعادت "هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة إحياء هذه المقولة سنة 2011 أثناء إعلان "باراك أوباما" عن محاصرة الصين وروسيا (عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا) ونقل 60% من القوات البحرية الأمريكية (رمز القوة العسكرية الأمريكية) إلى المناطق المحيطة بالصين، في إشارة إلى الهيمنة المُطْلَقَة للإمبريالية الأمريكية على العالم، وعدم السماح بأي شكل من أشكال المنافسة. أما عنوان الفقرة فيمثل إشارة إلى عنوان كتاب "هل انتهى القرن الأمريكي؟" (Is the American Century Over) الصادر سنة 2015 للمؤلف "جوزيف إس ناي" – نشر "بوليتي برس" في بريطانيا وأمريكا، وخلافا لما يُوحي به العنوان (السؤال) فإن الكاتب يتوقع تواصل الهيمنة الامريكية لأن كافة القُوى العالمية المنافسة، وخاصة الصّين تعمل وتنشط من داخل المنظومة الرّأسمالية، ولا ترغب سوى نيل حصة أكبر، عبر تعديل الكفة وخفض درجة الهيمنة الأمريكية، وليس وضع حدٍّ لها وفق رُؤْيَة الكاتب... تشكل السّيطرة على سوق النّفط، والحُرُوب العدوانية المُسْتَمِرّة، والهيمنة على النظام المالي والنّقدي، عبر الدولار، أُسُسَ أُطْرُوحة "القرن الأمريكي" أو الهيمنة الأمريكية بشكل عام، منذ أكثر من سبعة عُقُود، واستخدمت الولايات المتحدة كافة إمكاناتها الضخمة العسكرية والمالية والدبلوماسية من اجل اجتثاث فكرة الخروج عن هيمنة الدُّولار، أو عن شُرُوط صندوق النّقد الدّولي (أحد وسائل الهيمنة الإمبريالية) وعملت على الإطاحة بأي رئيس أو نظام يقترح تعويض الدولار أو استبدال البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بنظام إقْراض آخر، أقلَّ إجْحافًا، أو في خدمة تنمية البلدان الفقيرة، وتعمل حاليا على تقْوِيض أُسُس مجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) لانها تحاول تكثيف التبادل بين البلدان المكونة للمجموعة، خارج هيمنة صندوق النّقد الدّولي، لكن من داخل المنظومة الرأسمالية نفسها (أي لم تطرح المجموعة بديلاً مناهضًا للرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة)، كما تعتبر الإيديولوجيا السّائدة في أمريكا كل منافس (اقتصادي) خَصْم وكل خصم عَدُو، والعدُو وجبتْ محاربته بكافة الوسائل... بالعودة إلى أُسُس الهيمنة الأمريكية (القرن الأمريكي)، يُعتبر النفط أحد ركائزها حيث تعمل الدول الخليجية المُصدّرة للنفط على تطبيق خطة "إعادة تدوير الدّولار"، لما تشترط التعامل بالدولار عند بيع النفط (حتى السنوات الأخيرة) وارتبطت قيمة عملتها (وعملة بلدان كثيرة أخرى) بالدولار الأمريكي، مما يرفع الطّلب الخارجي على الدولار الذي أصبحت قيمته غير مرتبطة بوضع الإقتصاد الأمريكي، أو بالوضع الدّاخلي الأمريكي بشكل عام، وغير مرتبط بعجز الموازنة أو بقيمة الدّيون الحكومية الأمريكية، خلافًا لكافة الدول الأخرى، خصوصًا بعد قرار الرئيس "رتشارد نيكسون" فك ارتباط الدولار بالذهب سنة 1971، مما شَكَّلَ مُتنفّسًا للإقتصاد الأمريكي وللشركات الأمريكية التي يُمْكِنُها الإقتراض من المصارف الأمريكية بفائدة منخفضة جدًّا، والعمل في الخارج بتكاليف منخفضة جدًّا أو تأسيس فروع لها خارج أمريكا (في أمريكا الجنوبية أو آسيا) وبيع إنتاجها بسعر مرتفع في الولايات المتحدة وفي العالم، دون تسديد ضرائب، مما يُضاعف من أرباحها ومن هيمنتها على الأسواق العالمية، كما تَعْمد الولايات المتحدة إلى تصدير أَزَماتها، عبر اختلاق ذرائع عديدة، آخرها "محاربة الإرهاب" ومكافحة "تمويل الجماعات الإرهابية" (التي خلقتها أمريكا نفسها في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها)ن لتسليط عقوبات وحصار وحظْر تجاري واقتصادي، يضطر العالم إلى تطبيقها بسبب هيمنة الدّولار وبسبب القوة العسكرية، مما يجعل القوانين الداخلية الأمريكية أعلى من القوانين والمواثيق والمُعاهدات الدّولية، وأقرت أمريكا في السنوات الأخيرة عقوبات على دول تحاول الخروج عن "الوِصاية" الأمريكية، منها الصين وروسيا وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية، مما يمنع الشركات والمصارف ومؤسسات تأمين التجارة والدول الأخرى إلغاء عقود التجارة والمعاملات مع هذه البلدان، وعدم شراء النفط الإيراني والغاز الروسي، وقد يُؤَدِّي هذا "التّطَرُّف" الأمريكي والمُبالغة في فرض شروطها بالقوة إلى الإبتعاد عن التعامل بالدولار، مما يُشكل تهديدًا وربما الإرهاصات الأولى لنهاية "القرن الأمريكي"، خاصّة بعد الحَرَج الأوروبي إثر قرار أمريكا الخروج من الإتفاق الدّولي حول النووي الإيراني (بشكل أحادي الجانب) وفرض العقوبات على الشركات المتعاملة مع إيران، ومعظمها شركات أوروبية كُبْرَى، ولكن يصعب على بلدان الإتحاد الأوروبي الخروج من الهيمنة الأمريكية، فيما تعمل الصين على خفض درجة الهيمنة الإقتصادية الامريكية، عبر توقيع عقود تجارية بما فيها تجارة النفط، بعملتها "يوان"، بدلاً من الدّولار، مما قد يزيد من تعاون إيران مع الصين التي تستورد منها 650 ألف برميل يومياً من النفط الخام، وفي حال تمكنت إيران من بيع نفطها بعملة أخرى غير الدولار إلى الهند (500 ألف برميل يوميا) وإلى كوريا الجنوبية (313 ألف برميل يوميا) وإلى تركيا (165 ألف برميل يوميا) تكون قد كسرت الحصار، خصوصًا وإن شركات صينية وروسية تعمل على ملء الفراغ الذي ستتركه الشركات الأوروبية، خصوصًا في قطاع الطاقة، كما تعمل الصين على تعزيز العلاقات التجارية مع إيران عبر إطلاق خط تجاري بَرِّي منذ العاشر من أيار 2018، بطول ثمانية آلاف كيلومتر يربط الصين بإيران، عبر كازاخستان وتركمانستان، في فترة عشرين يوم بدلا من 34 يوم عبر الخط البحري القديم، وتُجري إيران وروسيا محادثات لتطوير الاتفاقيات التجارية القائمة منذ 2017 والتعامل بالمقايضة أو بعملة غير الدّولار... من جهة أخرى، ساهمت السياسة العدوانية الأمريكية في تعزيز التجارة بين روسيا والصين التي بلغت قيمتها سنة 2017 حوالي 100 مليار دولارا، وساهمت في التشجيع على التّعامل بغير الدولار، فيما يتداول 170 مصرفًا روسيا "اليوان" (العملة الصينية) في بورصة موسكو، وأصبحت الصين حالياً أكبر شريك اقتصادي لروسيا بحصة تعادل 17% من حجم تجارة روسيا الخارجية أو ضعف حجم التجارة مع ألمانيا، أكبر شريك أوروبي لروسيا، وكان من نتائج الإجراءات العدوانية الأمريكية ارتفاع حجم التجارة الثنائية بين روسيا والصين بنسبة 31% سنة 2107، وتعمل الحكومتان وشركات البلدَيْن على وضع أسس زيادة حجم التعامل بالعملات المحلية، حيث سددت الصين سنة 2017 نسبة 9% من البضائع المُستورَدَة من روسيا بالروبل (العملة الروسية)، فيما سددت روسيا نحو 15% من الواردات الصينية باليوان، وقطعت روسيا خطوة هامة بنهاية سنة 2016 عبر انتشار ما أسمته "عقدًا مستقبليًّا للنفط" للتداول في بورصة "سانت بطرسبرغ"، باستخدام "الروبل" لتسعير العقود المستقبلية للنفط الروسي... هذه بعض البوادر التي تُبَرِّرُ السؤال المطروح في عنوان هذه الفقرة، ويمكن أن تُشَكِّل هذه الخطوات والمشاريع بدايةً لنهاية "القرن الأمريكي"، لكن قد تكون حركة التّاريخ بطيئة، وتتطلب وقتًا أطول مما نأمل، وقد تتسارع خطوات التّاريخ، تاريخ نهاية القرن الأمريكي، إذا تحرر الإتحاد الأوروبي واليابان من هيمنة الدولار، عبر تداول النفط الإيراني باليورو أو بالين بدلاً من الدولار، وكانت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي "فيديريكا موغيريني" قد صرّحت عَلنًا خلال ندوة صحفية: "إن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران –وهم شركاء في الإتفاقية الدولية إلى جانب الولايات المتحدة- سيعملون لإيجاد حلول عملية" لعدم إسقاط الإتفاق، لكن "شجاعة" الزعماء الأوروبيين محدودة، لأنهم يتخوفون من تقويض أسس النظام الرأسمالي العالمي الذي تُشكل الولايات المتحدة قاطِرَتَه، عبر الدولار والقوة العسكرية وشن الحروب وفرض العقوبات... أما ما يمكن أن يُقَوِّض الهيمنة الأمريكية نهائيًّا فهو ثورة داخلية أمريكية أو ثورات (وليس انتفاضات) ضدها في بلدان الأطراف أو المُحِيط، التي تُسَدِّدُ بالفعل ثمن القوة والهيمنة والحروب العدوانية الأمريكية... الأرقام من بيانات وكالة "بلومبرغ"، والمعلومات من موقع "جيوبوليتيكا" (روسيا) + مركز دراسات "كاتيخون" (katehon) 26/05/18
بزنس الرياضة: ينحدر معظم المُشاركين في الرياضات الجماعية (كرة القدم والسّلّة واليد والطائرة...) وألعاب القوى (العَدْو والقفز وغيرها) والملاكمة والمصارعة، من أصول اجتماعية فقيرة، خلافًا لكرة المضرب (التّنّس) والغولف التي يمارسها أبناء الأثرياء، لكن بعض نجوم كرة القدم في أوروبا أو السلة في الولايات المتحدة يُصْبِحون أثرياء وينسلخون عن الطبقة التي ينحدرون منها، ويُدافعون عن "المبادرة الحُرّة" ويمارسون التهرّب الضريبي وتهريب الأموال إلى الملاذات الضريبية، ومع ذلك يزيد دَعْم الفقراء لهم، وقدّرت مجلة "فوربس" في بداية سنة 2018 ثروة اللاعب الأرجنتيني "ليونيل ميسي" نجم برشلونة بمبلغ 295 مليون دولار، وثروة "كريستيانو رونالدو" 400 مليون دولار، وبلغت ثروة اللاعب المُتقاعد "دفيد بيكام"، أغنى لاعبي كرة القدم، نحو 450 مليون دولار، وتأتي هذه الأموال من مصادر مختلفة، منها الرواتب والحوافز، لكن القسم الأكبر من هذه الثروة يأتي من علاقات "الشّراكة" مع الشركات الرأسمالية الإحتكارية الكُبْرى التي تستخدم اللاعبين والنوادي وفضاء الملاعب كلوحات إعلانات، ولذلك فإن معظم هؤلاء اللاعبين الذين نالوا شُهْرَةً وثروة، هم في صف رأس المال والبرجوازية، وفي صف أعدائنا الطّبَقِيِّين والقوميين على صعيد عالمي، ونشر التلفزيون الصهيوني صورة ليونيل ميسي يُصَلِّي (ربما بالعِبْرِيّة الفُصْحى؟) أمام حائط البُراق وعلى رأسه قلنْسُوّة (كِيبَّا)، بمناسبة إعلان خبر مباراة "وِدّيّة" للمنتخب الأرجنتيني، ونجمه "ليونيل ميسي" في القدس مع المنتخب الصهيوني يوم التاسع من حزيران 2018 بمناسبة الإحتفال بعدوان 1967 وإعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني المُحْتَلّ لأرض فلسطين، وكان من المُقَرّر أن تجري المباراة في ملعب مدينة "حيفا" المُحْتَلّة، لكن ردود الفعل الضعيفة (أو المُنعدِمة) عربيا ودَوْلِيًّا على نقل سفارة الولايات المتحدة وبعض توابعها إلى القُدْس، شجّع سلطات الإحتلال على نقل المباراة من "حيفا" إلى "القدس"، رغم زيادة التكاليف، حيث تتوقع حكومة العدو إنفاق أربعة ملايين دولارا منها مليون دولار من أجل ترتيب اللقاء في القدس، ونحو ثلاثة ملايين دولار لتأمين وصول فريق الأرجنتين إلى فلسطين المحتلّة... ألْغت الأرجنتين المباراة بعد حملة حركة المُقاطعة التي أشارت إلى تزامن تاريخ المباراة مع عدوان الخامس من حُزيران 1967 ومع الذكرى التسعين لميلاد الثائر الأرجنتيني الأممي "إرنستو تشي غيفارا" ومع الذّكرى 200 لاحتلال جزر "مالفيناس" (المَالْوِين) من قبل بريطانيا التي تُسمِّيها "فوكلاند"، وشنت حربًا دامية (بدعم أوروبي وأمريكي) على جيش الأرجنتين الذي حاول استرجاعها سنة 1982 (وفق بيان حركة المقاطعة في الأرجنتين 05/06/2017)... وجب التّنْوِيه بالمناسبة بالرياضيات والرياضيين الشبّان ممن رفضن ورفضوا التطبيع الرياضي مع الأعداء، في مجالات كرة السلة والتّنس والمُصارعة وغيرها، رغم مواقف حكومات بلدانهم أحيانًا عن ترجمات فلسطينية لمحتوى إعلام العدو 29/05/18
طاقة- "جيوستراتيجية الغاز": تبلغ حصة الغاز 36% من إجمالي المعروض العالمي من الطاقة (سنة 2017) وقد ترتفع إلى 54% بحلول سنة 2040، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية (وهي ليست هيئة دولية رسْميّة كما يوحي إسمها وإنما مكتب استشارات في مجال الطاقة للدول الصناعية الكبرى)، التي اعتمدت في دراستها على السياسات التي تعتمدها أنه إذا استمرت حكومات دول العالم في تبني سياسات اقتصادية تحافظ على البيئة فإن نصيب الغاز سيرتفع، لاسبدال الطاقة المُلَوِّثَة بالطاقة "النّظيفة"، ورفعت شركات الطاقة الكبرى مثل "رويال دتش - شل" و"بي بي" و"توتال" حصة استثماراتها المستقبلية للغاز الطبيعي، مقارنة بالنفط، وتتوقع شركة "وود ماكنزي" الأمريكية للإستشارات ارتفاع الإستثمارات في الغاز بنسبة 25% مقارنة بالنفط، وتعتبر الغاز من ضمن موارد الطاقة التي ستستقطب استثمارات هامة في المستقبل، وتعتبر شركات الطاقة الغاز الطبيعي بمثابة طاقة المُستقبل، خلال الفترة الإنتقالية بين عصر النفط وعصر الطاقة المتجددة و"النظيفة" كالشمس والرياح والمياه، وتعتزم دول عديدة استخدام الغاز لتوليد الكهرباء، وتُمول شركات كبرى بحوثًا علمية لتطوير صناعات جديدة تعتمد على الغاز الطبيعي، بدل النفط... أما عن البلدان التي تملك أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي فإن روسيا وإيران وقطر تأتي في مقدمة الترتيب، لكن الكيان الصهيوني يستفيد من اكتشاف كميات كبيرة من الغاز منذ 2011 في سواحل فلسطين ولبنان ومصر وقبرص وغيرها من مناطق شرقي البحر الأبيض المتوسط، كما يستفيد الكيان الصهيوني من تطبيع الأنظمة العربية ليصدّر الغاز المَسْرُوق من فلسطين إلى مصر والأردن، وربما دول عربية أخرى بعد ذلك، مما قد يجعل دولة الإحتلال مستقلة اقتصاديا عن مُمَوِّليها الكبار (الولايات المتحدة وألمانيا)، من جهة أخرى طورت الولايات المتحدة تقنيات تكسير الصخور لاستخراج النفط والغاز الطبيعي، وخَفْضِ سعر التكلفة، وأصبحت الولايات المتحدة تُنافس روسيا في أوروبا التي تستورد نحو 33% من حاجتها من روسيا، كما تَعْملُ الولايات المتحدة على تخريب مشاريع نقل الغاز الروسي نحو أوروبا، بالتوازي مع تشجيع دويلات تابعة (وتستضيف قواعد عسكرية أمريكية) مثل أذربيجان وتركمانستان (آسيا الوُسطى) الغنيتين بالغاز على منافسة روسيا وبناء خطوط أنابيب تصل حُقُولها بجنوب أوروبا، وكانت أذربيجان تنقل الغاز الطبيعي إلى ميناء "جيهان" التّركي منذ 2006، عبر خط أنابيب باكو - تبليسي – جيهان، ودشنت (يوم 29/05/2018) خط أنابيب جديداً تحت إسم "مَمَر الغاز الجنوبي"، لإمداد أوروبا بالغاز القادم من بحر "قزوين"، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، ومشاركة العديد من الدول التي تتَبَنّى حكوماتها سياسات الحلف الأطلسي والولايات المتحدة مثل جورجيا وتركيا وبلغاريا واليونان وألبانيا وإيطاليا، ويتوقع أن تنضم إليها بعض دُوَيْلات "البلقان" كالبوسنة والهرسك وكرواتيا والجبل الأسود، وهي مَحْمِيّات أمريكية، وتهدف أمريكا والإتحاد الأوروبي الضغط على روسيا في عدّة ملفّات، من خلال قطاع الطاقة... تقدّر تكلفة "الممر الجنوبي" (خط أذربيجان) من "باكو" إلى جنوب إيطاليا (3500 كيلومتر) بنحو 40 مليار دولار، بطاقة عشرة مليارات متر مكعب في البداية، لتصل إلى أكثر من 31 مليار متر مكعب... تكمن خطورة مشاريع أذربيجان وتركمانستان في استضافتهما قواعد عسكرية أمريكية وفي علاقاتهما الوثيقة مع نظام تركيا ومع الكيان الصهيوني، حيث تخطط أذربيجان وتركيا (بدعم أوروبي علني) لاستخدام "الممر الجنوبي" لنقل غاز العراق وقبرص والغاز المنهوب من فلسطين المحتلة، نحو أوروبا، عبر ميناء "جيهان" التركي، وكان الإتحاد الأوروبي قد عَرْقل مشروع روسيا (السّيْل الجنوبي) بدعم أمريكي، مقابل تشجيع وتمويل بناء خط أنابيب "الممر الجنوبي"، وشجّع الإتحاد الأوروبي شركات من إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليونان وبلغاريا وغيرها على شراء الغاز من "الممر الجنوبي" (أذربيجان)، بدلاً من الغاز الرّوسي، بهدف الضغط على روسيا في ملفات سياسية (منها سوريا وإيران)...
قَدّرت نشرة "آر بي كا" الروسية صادرات الغاز الروسي بنحو 194,4 مليار متر مكعب سنويا، بعدما ارتفعت حصة شركة "غازبروم" الروسية في السوق الأوروبية من 33,1% إلى 34,7% سنة 2017، من إجمالي استهلاك الغاز في أوروبا البالغ 541 مليار متر مكعب سنوياً ويتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 550 مليار متر مكعب سنوياً بحلول سنة 2035، وتتوقع شركة "غازبروم" نمو حصتها من السوق الأوروبية إلى ما بين 35% و38% بحلول سنة 2030، رغم توقعات انخفاض سعر بيع الغاز، بسبب المنافسة وزيادة الإنتاج، إذ يبقى الغاز الروسي أقل تكلفة (15 دولاراً لكل ألف برميل مكعب) من تكلفة إنتاج الغاز المُستخرج من حقل "شاه دنيز" في أذربيجان على سبيل المثال (35 دولاراً لكل ألف متر مكعب) مما يزيد من قُدْرَة "غازبروم" على المنافسة، خصوصًا بعد تحالفها مع شركات مثل "بي بي" البريطانية و"لوك أويل"، وتملك "غازبروم" حصة في هاتين الشركتين، وهما مشاركتان في تطوير حقل "شاه دنيز" في أذربيجان، حليفة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني... عن وكالة الطاقة الدولية (مؤسسة خاصة في خدمة الدول الرأسمالية الكبرى المُستوردة للطاقة) + "الإتحاد الدولي للغاز" (IGU) + صحيفة "فايننشال تايمز" + الأخبار (لبنان) 31/05/18